بدأ الحراك الشعبي في
الأردن احتجاجا على الظروف المعيشية الصعبة, ولعل أبرز شعار تم رفعه في
مسيرات الجامع الحسيني في مطلع هذا العام هو رغيف الخبز الذي تبعته لوحة
كتب عليها أين أنت يا عزيزي.
لكن وتحديدا بعد انتصار الثورة الشعبية في تونس والتحاق الأحزاب بالحراكات
الشعبية والشبابية, سرعان ما احتشدت ساحة المسجد الحسيني بالشعارات
المختلفة, التي كانت سببا في انتقاد الحكومة والنواب وناشطين في المعارضة
للشعارات, مستدلين بذلك عدم قدرة المحتشدين على تحديد شعار محدد يجمعهم.
ورغم تأكيد نخب في المعارضة على أن المطلوب هو تغيير النهج السياسي
والاقتصادي إلا أن مزاحمة الشعارات السياسية للاقتصادية والمعيشية انتهت
إلى تفرد الهم السياسي بالحراك الشعبي.
وفي أواخر شباط رفع حزب جبهة العمل الإسلامي وللمرة الأولى شعار الشعب يريد
إصلاح النظام, ليفتح هذا الشعار الباب للحديث عن التعديلات الدستورية,
وشهد يوم 24 آذار - الذي أعلن فيه ائتلاف شباب 24 آذار اعتصامهم المفتوح
على دوار الداخلية - شعارات لا يمكن تحقيقها إلا بفتح الدستور وتعديله, مثل
شعار الشعب مصدر السلطات, والفصل بين السلطات, و المطالبة ب¯ الحكومة
المنتخبة.
ليعهد فيما بعد الملك عبد الله الثاني للجنة ملكية بتعديل الدستور, واليوم
وبعد ثمانية أشهر من الحراك الشعبي يتم الإعلان عن تعديلات الدستور التي
تعد ثمرة الحراك الشعبي الذي لم يتوقف حتى خلال شهر رمضان, فكيف يرى
الناشطون في الحراك الشعبي هذه التعديلات?
الناشطون بين متفائل ومتحفظ
تتفاوت آراء الناشطين في الحراك الشعبي, فبينما استقبلها البعض بتفاؤل تحفظ
البعض الآخر على مجمل التعديلات, واعتبر البعض أنها محاولة لشراء الوقت.
خالد كلالدة
ورغم وصف أمين عام حركة اليسار الاجتماعي خالد كلالدة للتعديلات بالمتقدمة
والتي تؤسس لحياة سياسية متقدمة; إلا أنه يرى في عدم تعديل المادة 35 من
الدستور التي تنص على حق الملك المطلق في تعيين رئيس الوزراء, إلى جانب
إعطاء الملك الحق في تمديد ولاية مجلس النواب ستبقى مدار بحث ونقاش في
الأيام المقبلة.
وبين أن مطلبهم يتلخص بأن الحزب الذي يحقق الأغلبية النيابية هو من يحق له
تشكيل الحكومة, مشيرا أنهم في حراكهم سيسعون للاتصال بالنواب أثناء مناقشة
التعديلات لإيصال وجهة نظرهم بصورة سلمية وحضارية.
واعتبر أن النص على المحكمة الدستورية واحترام الحرية الشخصية وإخضاع
المؤسسات المستقلة لموازنة الدولة, من أبرز النقاط الايجابية في التعديلات
الدستورية, وأضاف إليها إقرار هيئة مستقلة لإجراء الانتخابات.
باسل الحمد
في المقابل فإن المنسق العام لحركة دستور 52 باسل الحمد تحفظ على آلية
اختيار أعضاء المحكمة الدستورية, مبينا أهمية وجود أسس لتعيينهم كالأقدمية,
كما تحفظ على مدة المحكمة الدستورية, وطالب بتمديد مدتها, معتبرا أن قصر
المدة إلى جانب آلية التعيين سيفقدها من قيمتها.
وأكد الحمد أن الرأي السابق هو مجرد رأي أولي وإن حراك دستور 52 يسعى في
هذه الأيام لدراسة كافة التعديلات ليعلن موقفه مطلع الأسبوع المقبل, ويضيف
بأن الدراسة تسعى لدراسة نسبة التوافق بين التعديلات المقترحة التي قدمتها
الحركة للجنة تعديل الدستور وبين التعديلات الدستورية المعلن عنها, وفي حال
كان التناسب كبيرا ستعلن الحركة دعمها للتعديلات, وفي حين كان قليلا جداً
فإنها ستعلن موقفها الرافض للتعديلات.
وأشار أن لجوء الحركة لهذه الدراسة المتأنية نابع من انتقادها لبعض الجهات
والشخصيات التي اتخذت مواقف من التعديلات قبل الإعلان عنها.
وحول التحركات التي سيقوم بها الحراك في حال أعلن موقفه الرافض للتعديلات أشار أنها لن تقتصر على الاعتصامات والمظاهرات.
وأضاف رغم أننا غير مقتنعين بأداء مجلس النواب إلا أننا سننتهز فرصة الحوار
الوطني حول التعديلات وسندفع باتجاه تعديلات أفضل, وبين أن تحركاتهم
ستتنوع عبر إتباع طرق غير تقليدية سيتم الإعلان عنها لاحقاً.
التعديلات محاولة لإحراج للحراك الشعبي
إذا تحفظ الحمد على آلية تعيين ومدة المحكمة الدستورية فإن الناشط في
الحراك الشعبي في الكرك ومنسق حركة شباب من أجل التغيير باسل البشابشة يرى
أن الدستور عمليا لم يقر محكمة دستورية, إنما استبدل مسمى المجلس العالي
لتفسير الدستور بمسمى المحكمة الدستورية, ويضيف إنهم لم يغيروا تشكيلة
المجلس العالي لتفسير الدستور.
مؤكدا ما سبق واشار إليه الكلالدة حول عدم تقليص صلاحيات الملك وذلك عبر
عدم المساس بالمادة 35 من الدستور التي تنص على حق الملك المطلق في تعيين
رئيس الوزراء, إلى جانب إعطاء الملك الحق في تمديد ولاية مجلس النواب, إلى
جانب الإبقاء على حق الملك بحل مجلس الأعيان وبإعفاء عضو من عضويته.
واشار أن مطالب الشارع في الأيام الماضية كانت تتمحور حول تحقيق مطالب لم
تقم التعديلات الدستورية بحلها ليكون ذلك دليلا - وفق البشابشة - على أن
الهدف من التعديلات هو شراء الوقت وإحراج الحراك الشعبي لتفريغه من حاضنته
الاجتماعية, من باب أن مطالبنا التي رفعناها في الشارع تحققت في الدستور
فلماذا نواصل الضغط إذا?
ويعول البشابشة على وعي الناس مؤكداً أنهم لن يتوقفوا عند ظاهر الأمور وسيتفهمون أن التعديلات كانت شكلية.
ولم يحسم وجهة نظره بشكلية التعديلات عبر تدقيق النص الدستوري قانونيا لكنه
يحللها عبر استخدام البلطجية المستمر للتأثير على الحراك الشعبي والذي بقي
متزامنا مع فترة تعديل الدستور, مما يعكس - وفق البشابشة - عدم وجود نية
صادقة للإصلاح.
محمد السنيد
من جانبه بين الناطق الرسمي باسم حركة شباب ذيبان محمد السنيد أن الحركة
ستجتمع اليوم لمناقشة التعديلات ودراستها, لكن وكوجهة نظر أولية يرى أن
الحركة تطمح بأن يعطي الدستور ولاية عامة لرئيس الوزراء, إلى جانب القضية
التي سبق وأشير إليها حول المادة 35 من الدستور مطالبا بأن يتم تعديلها
لتتمكن الأغلبية النيابية من تشكيل الحكومة.
وأضاف بأن حراك الشارع كان دائما متقدما بمطالبه على الحكومة, وإذا أرادت
الحكومة الخير للبلد قبل فوات الأوان عليها أن تسير جنبا إلى جنب مع مطالب
الشعب.
أدهم غرايبة
من جانبه اعتبر العضو في حركة جايين أدهم غرايبة أن التعديلات الدستورية
افتقدت لبنود تقوم على دسترة فك الإرتباط, مبينا أهمية اتخاذ قرار بهذا
الشأن في ضوء التهديدات الدائمة من قبل الكيان الصهيوني.
وامام التعديلات الإيجابية والتي وصفها بالشكلية اعتبر أن نية السلطة باحترام الدستور وتحقيق الإصلاحات هي الأهم.
