صحيفة "كوميرسانت" تتابع التطورات الدرامية التي تشهدها جمهورية مالي معتبرة أن الحرب الأهلية الدائرة هناك سوف تنتهي بظهور دولة غير معترف بها للطوارق في المناطق الشمالية من البلاد. وتلفت الصحيفة إلى أن شخصيتين قياديتين من تنظيم القاعدة وصلا أول أمس إلى مدينة تومبوكتو، العاصمة المحتملة، لدولة الطوارق المنتظرة. ووصول هؤلاء يعني أن الجماعات الاسلامية المتطرفة، حصلت على منطقة نفوذ جديدة، تضاف إلى اليمن والصومال والحدود الأفغانية الباكستانية. وبحسب تقارير المراقبين، فإن مناطق شاسعة شمالي مالي، أصبحت تحت سيطرة الحركات الانفصالية والجماعات الإسلامية المتطرفة. علما بأن الحركة الأكثر تصلباً بين هذه الحركات، هو "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وترجح التقارير أن يتقاسم مقاتلوا "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وتنظيم "أنصار الدين" مناطق النفوذ فيما بينهم على أراضي الملكيَّة الجديدة. وإذا ما استمرت الأوضاع في السير على النهج الحالي، فمن المؤكد أن معسكرات تدريب الإرهابيين الإسلاميين، سوف تنتشر في تلك المنطقة، انتشار النار في الهشيم.
ويشكك المحللون بقدرة السلطات الحالية في مالي على إعادة السيطرة على الأوضاع والحفاظ على وحدة البلاد في المستقبل القريب. وذلك للأسباب التالية:
أولاً: انعدام السلطة المركزية في البلاد.
ثانياً: ضعف جيش مالي والذي أصبح واضحاً خلال المواجهات التي جرت مع قوات الطوارق حيث استسلم الكثير من القطعات العسكرية بدون مقاومة.
ثالثاً: التجهيز العسكري المتخلف والميؤوس منه لجيش مالي مقارنة بالتجهيز الحديث لقوات الطوارق التي خدم الكثير من مقاتليها خلال الحرب الأهلية الليبية في صفوف قوات النخبة في جيش معمر القذافي، وهم حالياً مسلحون بشكل جيد ومزودون بأحدث وسائل الاتصالات. بينما جيش مالي لا يزال يمتلك أسلحة وتقنيات عسكرية قديمة.
رابعاً: على الرغم من وعود المساعدة في الصراع ضد الانفصاليين، فإن الدول المجاورة لمالي، بالكاد تجرؤ على الدخول في مواجهة مفتوحة مع الطوارق. وحتى إذا ما تدخلت تلك الدول، فإن نجاحها في حسم الصراع غير مضمون. لأن جيوش هذه الدول من حيث النوعية القتالية والتجهيز العسكري، لا تختلف كثيراً عن جيش مالي نفسها، وغير معتادة على القتال في الظروف الصحراوية، بينما قوات الطوارق متمرسة بشكل مثالي على القتال في مثل هذه الظروف.
خامساً وأخيراً: من المستبعد جدا أن تقوم الدول الغربية بعملية عسكرية واسعة النطاق من أجل "استعادة النظام الدستوري" على مثل هذه الأراضي الشاسعة. فكل ما يستطيع الغرب القيام به هو عمليات محدودة تقوم بها القوات الخاصة لتحرير بعض الرهائن أو للقضاء على أي من قادة الإرهابيين. وبالتالي، من الممكن أن يتحول شمال مالي في الأعوام القادمة إلى مملكة للفوضى. وأول من سيحاول قطف ثمار هذه الأوضاع، هو الارهاب الدولي بزعامة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".