استقالة حكومة البخيت ودعوة المجلس للانعقاد في دورة عادية ثانية بحكومة جديدة نهاية ايلول المقبل ...
* مجلس الامة يجتمع بدورة ثانية في الاول من تشرين اول لاقرار قانوني الانتخاب والاحزاب وتمديد مدة الدورة دستوريا لستة اشهر ...
* اجراء انتخابات نيابية جديدة بعد اربعة اشهر من حل المجلس الحالي ...
ينتظر مجلس النواب التعديلات الدستورية المرتقبة التي سترفعها ربما نهاية الاسبوع الجاري اللجنة الملكية لتعديل الدستور لمقام الملك السامي والذي سيحيلها جلالته بدوره الى مجلس النواب للمصادقة عليها.
هذا الانتظار هو الذي يعمل على إطالة عمر الدورة الاستثنائية الحالية التي ستتلقى ربما مطلع الاسبوع المقبل النص النهائي لمشروع التعديلات الدستورية, فيما سيستغرق مجلس الامة فترة تتجاوز الاسبوع - على الاقل - للمصادقة عليها.
وامام هذه المعطيات فان السيناريوهات التي يتم وضعها كخرائط طرق لرسم ملامح المرحلة المقبلة لمجلس النواب تتغير باستمرار وتتبدل كثيرا, رغم من ان معظم تلك السيناريوهات قد بدأت تشهد نوعا من الاستقرار تعمل على تسهيل عمل المراقبين الذين يتقنون التحديق جيدا في المتغيرات التي تتحرك تحت ارضية مجلس النواب أو ما يمكن تسميته الصفيحة الجيوسياسية لخاصرة العبدلي.
ولعل من أبرز واهم ما يمكن التوقف عنده - ضمن المعطيات المتاحة - هو السيناريو الأكثر احتمالا للتطبيق في المرحلة المقبلة, وإن كانت المعطيات نفسها لا تجزم تماما بأنه السيناريو الأكثر استقرارا, لكنه بالمقابل سيبقى السيناريو الأكثر احتمالا, وهو ما يدفع بأي مراقب للتوقف عنده, تحليلا وتأويلا, وتفسيرا وتكهنا.
الإستثنائية.. خيار التمديد
وتأتي في مقدمة المشهد الذي يغلف تفاصيل الدورة الاستثنائية الحالية تبدل السيناريوهات المتعلقة بمدة الدورة, وفيما اذا كان من الأجدى فضها ثم الدعوة الى استثنائية أخرى ستكون الثانية وستخصص بكاملها للنظر في التعديلات الدستورية فقط.
وقد طرح هذا السيناريو مبكرا باعتباره احد ابرز الخيارات أمام صاحب القرار للتعامل معه, قبل أن يدفع المشهد البرلماني بكامله سيناريو آخر يرتبط هذه المرة بمدى الحاجة لدورة استثنائية ثانية ثبت تماما عدم جديتها, ما أفسح المجال أمام السيناريو الجديد وهو الإبقاء على الدورة منعقدة بانتظار صدور ملحق بالدورة القائمة سيحمل فقط بندا واحدا هو التعديلات الدستورية المرتجاة.
ولعل من أبرز ما يمكن التوقف عنده أمام المعطيات التي دفعت صاحب القرار للتخلي عن خيار فض الدورة واللجوء الى دورة ثانية هو حجم المنجز التشريعي الذي سجله المجلس طوال هذه الدورة الذي لم يتجاوز اربعة قوانين فقط هي قوانين العفو العام, ونقابة المعلمين, والبلديات, وموازنات المؤسسات المستقلة, الى جانب تقرير لجنة التحقيق النيابية في ملف الكازينو الذي لم يتم غلقه حتى الآن.
وأمام كل هذا التواضع في المنجز التشريعي غير المسبوق - اشارت العرب اليوم اليه بكل وضوح مبكرا - فقد كان لا بد من تمديد عمل الدورة للنظر في مجموعة تشريعات أخرى مهمتها تعبئة الفراغ ريثما تصل التعديلات الدستورية للمجلس, في الوقت الذي قد ينجح المجلس فيه بالمصادقة على بضعة قوانين أخرى, كان من المفترض ان لا تحتاج لكل هذا التلكؤ غير المبرر من قبل اللجان الدائمة لاقرارها.
هذا التلكؤ هو الذي حصر مجلس النواب في زاوية أكثر من ضيقة, عملت حتى على حرمانه من امتلاك روح المبادرة قبل امتلاكه روح المناورة, مما ابقاه أشبه بالسلطة المجمدة التي تم إدخالها عنوة الى غرفة تبريد عالية التفريز للمحافظة على مكوناته من التلف.
وهذه المعطيات بكل تفاصيلها ومكوناتها تشير الى ان خيار الذهاب الى دورة استثنائية ثانية أصبح خلف الظهر تماما وأن على المجلس ان يتعامل مع سيناريو جديد هو استمرار انعقاد الدورة الاستثنائية ريثما تصبح التعديلات الدستورية بين يدي مجلس الأمة بغرفتيه النواب والأعيان.
وهذا ما سيبقي مجلس النواب منعقدا - على الأقل - مدة تصل الى منتصف شهر أب الجاري, فيما يشير رئيس مجلس النواب فيصل الفايز الى رغبته بتكثيف الجلسات التشريعية الرمضانية نهارا وفي أوقات محددة تبدأ الساعة الثانية عشرة ظهرا وتنتهي الساعة الثانية او الثانية والنصف بعد الظهر, وسيبدأها بجلسة ستنعقد ظهر يوم غد في الساعة الثانية عشرة ظهرا لمناقشة قانون المطبوعات الذي اقرته لجنة التوجيه الوطني ظهر امس الاثنين.
لكن خطة الرئيس الفايز ستصطدم حتما بمشكلة أكبر وأعمق وهو تلكؤ اللجان الدائمة في إنجاز ما لديها من قوانين, وليس عدم نجاح لجنة التوجيه الوطني بتأمين النصاب القانوني الاسبوع الماضي للمصادقة على تعديلات قانون المطبوعات والنشر خير دليل على هذا التلكؤ, الى جانب شواهد أخرى عديدة ساهمت تماما بوقف جلسات المجلس لمدة تتجاوز الاسبوع وتحديدا بعد ان أقر المجلس قانون البلديات الثلاثاء الماضي.
ومن الواضح تماما أن الإبقاء على الدورة الإستثنائية مفتوحة وقائمة قد أنهى خيارا آخر كان من المحتمل تطبيقه وهو فض الدورة الاستثنائية الحالية والانتظار الى ما بعد اجازة عيد الفطر- مطلع الاسبوع الثاني من شهر ايلول المقبل- لدعوة المجلس للانعقاد في دورة استثنائية ثانية للمصادقة على التعديلات الدستورية, وبحسب رئيس المجلس فيصل الفايز, فان مجلس الأمة مدعو للمسارعة في إنجاز التعديلات الدستورية لوضع قطار الإصلاح السياسي على سكته الصحيحة إيذانا بانطلاقته الميمونة, مضيفا بأن جلالة الملك يتعجل انتهاء المصادقة على التعديلات الدستورية, وصولا الى انجاز مجمل القوانين الاصلاحية في وقت قياسي.
كلام الرئيس الفايز كان واضحا تماما في جلسة محصورة للغاية جمعته وعدد من الزملاء الصحافيين الخميس الماضي قال فيها الكثير عن الطموحات المقبلة التي ستحكم خيار الإصلاح السياسي الذي يرعاه جلالة الملك شخصيا, إلا أن المشكلة تبدو متعلقة أكثر بمن يملك القدرة على التقاط ما يريده جلالته, والمسارعة بالمبادرة لتطبيقه.
تعديلات دستورية مقيدة
لعل من ابرز ما يتم الحديث فيه من تعديلات دستورية تتعلق بتحريم التوسع باصدار القوانين المؤقتة, وإلزام السلطة التنفيذية التي تحل مجلس النواب بالاستقالة فورا, والنص صراحة على إلزام السلطة التنفيذية بالتنسيب باجراء الانتخابات النيابية في مدة لا تتجاوز الاشهر الاربعة التي تلي قرار حل المجلس, الى جانب تعديلات دستورية أخرى في غاية الأهمية لن نتوقف عندها هنا.
تلك التعديلات الأبرز سيكون لها استحقاقاتها التالية على مجلس النواب وصاحب القرار, ففي التفاصيل التي اطلعت العرب اليوم عليها فان الدورة الاستثنائية الحالية سيتم فضها مباشرة فور مصادقة مجلس الأمة على التعديلات الدستورية المرتجاة والمتوقع الانتهاء منها قبيل منتصف شهر اب الجاري.
حكومة جديدة.. ودورة مبكرة
وسيتم فض الدورة الاستثنائية الحالية في موعد لن يتعدى منتصف شهر اب الجاري, بينما سيذهب مجلس النواب الى دورة عادية ثانية مبكرة جدا ستبدأ دستوريا في الأول من شهر تشرين الأول المقبل وستستمر هذه المرة ستة أشهر انسجاما مع التعديلات الدستورية الجديدة التي رفعت مدة الدورة العادية لمجلس الامة من اربعة أشهر في السنة إلى ستة أشهر.
ووفقا لتلك التعديلات فان الدورة العادية الثانية ستنتهي دستوريا في الاول من شهر نيسان المقبل, سيكون المجلس خلالها قد اقر العديد من القوانين التي لا يجيز الدستور في تعديلاته الجديدة التعامل معها كقوانين مؤقتة.
وفي مقدمة تلك القوانين قانونا الانتخاب والاحزاب الى جانب قوانين أخرى ذات طابع اقتصادي اصلاحي, بينما ستذهب الحكومة الى العمل على إنجاح الانتخابات البلدية التي ستجرى وفقا لخطط الحكومة في شهر تشرين الأول لتكون الإختبار الأبرز لمرحلة ما قبل الانتخابات النيابية المقبلة.
ووفقا للمصادر العليمة فان حكومة د. معروف البخيت ستقدم استقالتها في موعد لن يتعدى الثلث الثاني لشهر ايلول المقبل, ولن تذهب بالمطلق مع مجلس النواب الحالي الى دورة عادية ثانية, لكون المجلس سيستقبل حكومة جديدة ستعمل على تنظيم الانتخابات البلدية وتشرف على إقرار قوانين الانتخاب والاحزاب, وهي نفسها التي ستتولى التنسيب لجلالة الملك بحل المجلس السادس عشر في موعد لن يتعدى النصف الاول من شهر نيسان من العام المقبل, لتقدم هي الأخرى استقالتها وفقا للنصوص الدستورية الجديدة, ليتم تكليف حكومة أخرى ¯¯ ربما تكون الحكومة نفسها ¯¯ بالاشراف على اجراء انتخابات مجلس النواب السابع عشر التي سيدعى اليها في موعد لن يتعدى نهاية شهر آب من العام المقبل.
وتقول المصادر العليمة إن حكومة البخيت بطاقمها الحالي تدرك تماما أن ايامها أصبحت معدودة تماما, وانها تنتظر فقط المصادقة على التعديلات الدستورية والانتظار لما بعد اجازة عيد الفطر لتبدأ بلملمة اوراقها لمغادرة الدوار الرابع قبل حلول الثلاثين من شهر ايلول المقبل, ليتسنى للحكومة الجديدة المرتقبة الدخول الى قبة المجلس في الاول من شهر تشرين الاول لتحمل على عاتقها مهمة محددة هي مقارعة المجلس اثناء مناقشة قانوني الأحزاب والانتخابات, واجراء الانتخابات البلدية التي ستكون الامتحان الأكثر وضوحا لقياس مدى الحيادية الحكومية في إدارة العملية الانتخابية, تمهيدا لتهيئة الأرضية الشعبية للمشاركة في الانتخابات النيابية.
ومن الواضح ان اختبار الانتخابات البلدية ستكون له نتائج في غاية الأهمية والخطورة, فاذا ما نجحت الحكومة المقبلة بتحفيز المواطنين للمشاركة في الانتخاب والترشيح والاقتراع, ونجحت باقناع المواطنين بحياديتها ونزاهتها , فان هذا الأمر سيعزز من ثقة المواطنين بالاجراءات الحكومية, مما سينعكس ايجابا على مدى اقبال الناخبين على صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة.
سيناريوهات محتمله للعادية الثانية
وبدخول مجلس الأمة اي دورة عادية ثانية مبكرا جدا وتحديدا في الاول من شهر تشرين الاول المقبل ولمدة ستة اشهر تفتح ابواب الاحتمالات على مصاريعها ففي الوقت الذي يتحدث فيه سيناريو بوضوح عن استمرار وتواصل الدورة العادية الثانية برئاسة رئيس المجلس الحالي فيصل الفايز حتى انتهاء مدة دستوريتها البالغة ستة أشهر, فان انصار سيناريو آخر من الوسط النيابي يعتقدون ان فرص المجلس باستمراره منعقدا طوال دورته العادية الثانية اقل من ضعيفة.
ويعتقد هؤلاء ان المجلس لن يتم دورته العادية الثانية, وسيتم حله قبل موعد نهاية دورته التي ستكون وفقا للتعديلات الدستورية الجديدة ستة اشهر تنتهي في الاول من شهر نيسان 2012 . وايا تكن الفرص الاوفر حظا امام اي من السيناريوهين فان المجلس مدعو في دورته العادية الثانية لاقرار قانوني الانتخاب والاحزاب قبل ان يتم التفكير جديا بمصير الدورةوفيما اذا كان سيسمح لها بالاستمرار او سيتم قطع الطريق عليها , ربما بهدف ملاءمة اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في وقت لن تصادف الايام فيه شهر رمضان المبارك العام المقبل.
وربما تكون هذه الافكار الان هي ابرز ما يتم تداوله من افكار وخطط وسيناريوهات تتعلق بالخطط المقبلة المتعلقة بمجلس النواب, وبقطار الاصلاح الساسي الذي طال انتظار مغادرته محطته.
وتبقى هذه مجرد افكار تطرح على الطاوله للبحث والتباحث والتطوير والأخذ والرد, إلا أنها بمجموعها تشكل خارطة طريق تبدو انها الان تحصل على مباركة استثنائية من جهات عديدة ترى ان هذا السيناريو هو الأنسب للاردن في هذه المرحلة... ويبدو انه كذلك فعلا.